08 - 12 - 2025

ماستر سين | فيلم الست منى

ماستر سين | فيلم الست منى

لم يتعلم صناع الفيلم السينمائي "الست" عن حياة كوكب الشرق، لم يتعلموا أهم درس من حياتها، وهو ذكاءها الفني وملاءمة العمل الذي تقدمه تبعا لشخصيتها ومكانتها لدى جمهورها.

لاشك ولا خلاف أن الفنانة منى زكي هي فنانة كبيرة تملك رصيدا زاخرا بالأعمال ذات الجودة، وأن لها أدوارا شديدة الاتقان والإبداع، وقد حذرنا من أن تنقلب اختياراتها لأدوارها تبعا لنصائح لا تريد لها خيرا.

الكوكب أم كلثوم والتي أطلق عليها المصريون لقب "الست" تقديرا لمكانتها ووقارها ودليلا دامغا على محبتها، كانت تملك من الذكاء ما جعل أي عمل تتصدى له مقبولا لدى جمهورها الذي يقدر بمئات الملايين ولا يزال في ازدياد.، كانت موهوبة في اختيار النصوص والألحان بما يتناسب مع إمكاناتها ومكانتها، في كل مراحلها الفنية، ومنذ أن استقلت برأيها عن والدها الذي أسس لها بمرحلة الموالد والسرادقات والجولات في ربوع مصر المختلفة، لم يذكر أحد من كتاب سيرتها ـ وقد كنت قريب الصلة ببعضهم: الدكتورة نعمات أحمد فؤاد والكاتب محفوظ عبد الرحمن ـ لم يذكر أحد أن شقيقها الشيخ خالد قد أكرهها على نص ولا لحن، ولم يكن لها مستشارا فيما تقدمه وما لا تقدمه على الرغم من كونه ليس ببعيد عن الغناء والقصيدة والمديح، كان الجميع يحترم حسها الفني منذ أن أحاط بها الكبار: الشيخ أبو العلا، أحمد رامي، القصبجي والسنباطي، الذين كانت ندا لهم، تتفق وتختلف وتدقق وترفض وهي على حق.

كان ذلك نابعا من شخصيتها الناضجة، وفي الفيلم "المستوحى عن حياتها" وهي عبارة ضع تحتها عشرة خطوط، اختارت الست منى زكي الفنانة الناضجة أن تسير عكس التيار، فمنذ الإعلان عن ترشحها للدور والجميع يحذرها: أن المسافة بينكما بعيدة، والشبه ليس في صالحك ولنا في هوليوود أسوة حسنة، تماما كما حذرنا من قبل في تصديها لشخصية سعاد حسني في مسلسل السندريللا الذي سقط سقوطا بلا رحمة، قبلت منى الدور قبل أن تقرأ الورق، وفي حياة ثومة يصعب أن تجد عملا "مش شبهها"، لأنها كانت قادرة على الفرز والإختيار، وربما كان هذا هو الدرس الأول في عمل يستلهم حياة كوكب الشرق، ومنذ أن تسربت صور من الفيلم ونحن نشعر أن سوء الاختيار هو سمة الفيلم، فهناك مشكلات في الماكياج وفي الإكسسوار وحركة الجسد وأسلوب الدعاية، ليست هذه هي الست التي نعرفها، بل وليست هي منى زكي التي نجحت في أول بطولة مسرحية جماعية لها وهي دون العشرين "بالعربي الفصيح" وكان الأستاذان لينين الرملي ومحمد صبحي من الحنكة والمهارة في اختيار النجوم الشباب الذين يمثلون أدوارا متنوعة الأقطار العربية لأول مرة، لكننا الآن أمام عمل فني شهد أكبر موجة غضب على صفحات السوشيال ميديا بمنصاتها المختلفة فيما يشبه الإجماع إلا قليلا!

كان يمكن أن نرجع ذلك إلى قلة خبرة الممثلة، لو كانت وجها جديدا يتعجل الشهرة، ولكنها منى زكي التي سبق وأن كلفها دور السندريللا 7 سنوات أمضتها بلا عمل! فالجمهور لا يرحم ولا يسامح ولا ينسى، يحدث هذا مع نجمة أحبها الجمهور على مدار عقود، يدفعها الحماس والعشق للدور أن تتصدى له دون دراسة كافية، هاهي تعاود الكرة وتتحدى الجميع.

يشارك البطلة في التسرع وسوء الفعل المسؤول عن الدعاية؛ فالصور لم يتم تسريبها صدفة، ولكن إختيار الصور جاء عبر مراحل كثيرة وفلاتر غير موفقة، بعد أن تحولت الصور إما إلى كوميكس أو غضب.

وأطمئن الجميع أن الخطأ لن ينسحب إلى شخصية كوكب الشرق، لآنه لا يجرؤ أحد على الإساءة إلى الكوكب، وربما مع الأيام يتبدل إسم الفيلم إلى إسم بطلته ذاتها، فيصبح فيلم "الست منى"، والتي أهمس في أذنها أن تعترف بأن الصور المنشورة لا تعبر عن الشخصية الملهمة، وأن خطأ ما كان وراء عملية التسريبات، وقد قرأت لها بالفعل حوارا في المجلة الأشهر "فوغ العالمية" الصادرة في شهر ديسمبر الحالي، تصريحات تكشف عن مدى حبها وتحديها لتقديم هذا الدور، ولكن مالم تقله في رأيي أن الدور تحدي وعناد وهي سمات موجودة في شخصية كل فنان.
-------------------------
بقلم: طاهر البهي


مقالات اخرى للكاتب

ماستر سين | فيلم الست منى